طلبت وزارة الصحّة في قرار أصدرته في 28 شباط الماضي من جميع المستشفيات التوقف عن استعمال أجهزة غسيل الكلى «AK 98» التي تحمل رموزاً معينة (AK 98955403 – AK98955603 – AK98955607).
وحمل القرار صفة «العجلة»، إذ أُرفق بالطلب من المستشفيات تنفيذه فوراً وتجميد استخدام هذه الأجهزة في أي عملية غسيل كلى، بعد وصول إشعارٍ إلى الوزارة من شركة «باكستر» العالمية المصنّعة لهذه الأجهزة، تنبّه إلى مخاطر صحية محتملة ناتجة من استعمالها بسبب خللٍ في الأنابيب. كما طلبت الوزارة من مصلحة الهندسة الصحية التوقف عن السماح بإدخال هذا الجهاز بكل رموزه «إلى حين صدور التقرير النهائي في شأنه من قبل الشركة المصنّعة والوزارة».
وفيما تعكف وزارة الصحة على درس هذه القضية التي تتعلق بآلاف من مرضى غسيل الكلى الذين يعالجون على نفقة الوزارة من دون أن يصدر حتى الآن تقرير يشرح هذه المخاطر، تُثار علامات استفهامٍ كثيرة حول «صفقة» شراء الوزارة لهذه الأجهزة في عهد الوزير السابق فراس أبيض.
إذ لم يسبق شراء مثل هذه الأجهزةـ لأن العرف السائد هو أن تزوّد الشركات المستشفيات بالأجهزة مجاناً، على يشتري المستشفى من الشركة الأنابيب والمستلزمات التي تستخدم في الغسيل، إذ إن الأمور كانت تجري على أساس أن تزوّد شركة ما المستشفيات بماكينات غسيل الكلى، على أن تنحصر عملية الشراء من الشركة فقط بالمعدات أو المستلزمات مثل الأنابيب، انطلاقاً من أن لكل جهاز معداته التي لا يمكن شراؤها من شركة أخرى، وبذلك تصبح الشركة صاحبة الجهاز هي المصدر الوحيد للمعدات والمستلزمات بالنسبة إلى المستشفى.
غير أن أبيض كسر العرف بقراره شراء 138 جهاز غسيل كلى من إحدى الشركات التي استفادت على مدى السنوات السابقة من آلية الدعم، بقيمة مليون و329 ألف دولار من الأموال المتبقية من قرض البنك الدولي الذي وضع لحساب وزارة الصحة العامة.
ولم يُحدث هذا القرار أي ردّ فعلٍ في حينه، وسط فوضى انقطاع الأدوية وتوقف بعض المستشفيات عن استقبال المرضى، قبل أن يتبيّن أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، أعلى سلطة رقابية في ما يتعلّق بالأدوية وكل ما يتعلق بالقطاع الطبي، كانت قبل عام من شراء الأجهزة قد حذّرت من استخدامها، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان الوزير والشركة على علمٍ بذلك مسبقاً؟
حتى اللحظة، لا جواب محسوماً حول من يتحمّل المسؤولية عن عملية الشراء، وإن كان البعض في الوزارة لا يعفي الشركة من المسؤولية بالدرجة الأولى، وفي درجة لاحقة الوزير أبيض.
ولذلك، كان التوجّه لدى بعض المعنيين في الوزارة نحو تجميع الملف كاملاً وإحالته إلى القضاء للتحقيق في هدر المال العام، والأهم في تعريض مرضى غسيل الكلى للمخاطر.
وفي انتظار أن يبنى على الشيء مقتضاه، تواصلت الوزارة مع الشركة المعنية بعملية الاستيراد «للتزوّد بالتفاصيل من جهة والبحث في آلية التعامل مع هذه الماكينات المجمّدة». وتشير المصادر إلى أن «لا شيء اتخذ حتى اللحظة، باستثناء ما كان قد قاله ممثلو الشركة من أنه يمكن أن يعملوا على تبديل الأنابيب»!